المصدر:عرب آنلاین
لم تره زوجته (جانيس) لمدة خمسة أشهر منذ أن قامت بزيارته في مركز الطب النفسي في اليوم التالي الذي أراد فيه قتلها، لكنه في 23 أغسطس 1973م وفي الليلة التي سبقت التحقيق في وفاة ابنه (كريج) ذهب إلى منزلها في منطقة (بلاكتاون) وقذف نافذتها بطوبتين ربطت بمذكرتين جاء في الأولى «الويل لك ولعائلتك.. وإذا أراد أي منكم العبث معي فسوف أقتله شر قتلة.. تعرفون جيدا من كتب هذه الرسالة، والشخص الأول في قائمة الموتى هو(بيل)، تعرفي جيدا من أعني (بيل ريين) صديق أمك، سأقتص منكم الواحد تلو الآخر» أما المذكرة الثانية فقد كتب فيها «ما يدور في ذهني اللحظة.. قتلكم جميعا أنت وأمك وصديقها، ليس انتقاما لمقتل ابني، لكن حتى أتخلص من الذخيرة التي بحوزتي.. أحذروا جميعا».
في الليلة التالية في 24 أغسطس، بدأت عمليات القتل، اختار (أرشي) الوقت بعناية، هذا التاريخ هو اليوم الأول الذي جرى فيه التحقيق في وفاة ابنه، وقبل ذلك بأسبوع، قام (أرشي) بالاتفاق مع صديقته التي تسكن معه (كارول ألين هوايز) بتشكيل عصابة من مجموعة مراهقين، وقابل (أرشي) صديقته الجديدة وفتاة أخرى اسمها (جولي آن) 16سنة، عندما كان مريضا في مركز(باراماتا) للطب النفسي، (كارل هوايز) أم لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين الرابعة والسابعة، ومنفصلة عن زوجها، وخلال العامين السابقين، حاولت الانتحار ثلاث مرات بتناول جرعة زائدة من الحبوب المنومة.
أخبرت (كارول) صديقها الجديد بعزمها على إعادة محاولة الانتحار، لكنه تحدث إليها وأقنعها بالعدول عن رأيها، لهذا السبب ارتبطت به ارتباطا قويا، واتفقا على العيش سويا في شقة بضاحية (أيرلوود)، أما (جولي) فقد أتت إلى المركز للعلاج من اضطرابات نفسية، ثم أخذتها (كارول) في جناحها، انضم إلى التشكيل العصابي (ميشيل جون ميرديث) المعروف بـ (مايك) و(ريتشارد وليام ويتنجتون) الملقب بـ (ديك)، الشابان في السابعة عشر، وكان (أرشي) قد تعرف عليهم في منزل الواشم قبل عدة أيام من تشكيل العصابة، ويملك الشابان أسلحة نارية، العضو السادس في العصابة هو دونالد ريتشارد (ريك) 17سنة.
بقيادة (أرشي) اختارت العصابة أول ضحاياها (جورج آنسون) -50سنة- شارك في الحرب العالمية الثانية وامتهن بيع الصحف خارج فندق (كانتربري) وتعود كل مساء بعد الانتهاء من عمله شرب الخمر في الفندق، في مساء يوم 24 أغسطس 1973م شاهدت العصابة ضحيتها وهو يترنح من السكر في الشارع باتجاه منزله، وكانت العصابة تركب سيارة مسروقة وتبحث عن شخص لضربه وسرقته. أوقفه الأشقياء على جانب الطريق، وأمسكه (أرشي) من حلقه، وأثناء ذلك سبهم الشخص الضحية بألفاظ نابية، وكانت الكلمات الأخيرة التي تفوه بها، فقد عاجله أفراد العصابة بركلات وضربات موجعة وقاتلة في رأسه وأماكن مختلفة من جسمه.
في تلك اللحظة سمع (أرشي) صوتا مجهولا يأمره بقتل سبعة أشخاص، كان (جورج آنسون) يجثو على ركبتيه أخرج (أرشي) سكينه وطعن بها الرجل في ظهره ورقبته سبع مرات، وقبل الهروب قام (أرشي) بضرب القتيل ضربة قوية في وجهه وهرب إلى السيارة المسروقة، أطبق الصمت على جميع أفراد العصابة عدا (ريك) الذي استهجن عملية القتل، ورد عليه الزعيم بأنه طعن الضحية لسبه لهم، وصرخ في وجه الشاب المراهق، ومن تلك اللحظة لم يعد (أرشي) يثق في هذا المارق، وفكر في طريقة للتخلص منه.
أخفت (جولي) أداة الجريمة -السكين الملطخة بالدماء- تحت مقعد السيارة، وطلب زعيم العصابة أفرادها بنسيان الأمر وعدم التفوه بكلمة واحدة حول مقتل (آنسون) حتى وصلوا إلى الشقة، ومرت المجموعة على مطعم لأخذ وجبة العشاء بينما ذهب (أرشي) لتنظيف نفسه في الحمام، وبينما هو يغسل وجهه، تحدث إليه ابنه من مرآة المرحاض وطلب منه الذهاب معه، وعندما أراد لمس وجه ابنه في المرآة.. اختفى قبل أن تصل إليه يده، في الشقة هدأت النفوس قليلا، وأخبر (أرشي) المجموعة بأنه لم يستطع منع نفسه من القتل فقد كان صوت ابنه يرن في أذنه ويدعوه للقتل.
أصوات من القبر
بعد ثلاث ليال وفي 27 أغسطس، اصطحب (أرشي) عصابته إلى مقبرة (ليبنجتون) لزيارة قبر ابنه، وكان (أرشي) وصديقته (كارول) قد ذهبا إلى هناك عدة مرات.. يجلس على حافة القبر ويتنهد في حزن، يتمتم بكلمات غير مفهومة تشير إلى أن ابنه لم يجد فرصته في الحياة وأن هذا ليس عدلا.. وأقسم في تلك المرات أمام صديقته بالانتقام لابنه.
في تلك الليلة كان البرد قارصا، والجو ضبابيا كئيبا، ينزل المطر في شكل رذاذ خفيف على أوراق الشجر، في هذه المرة لم يأت الصوت من المجهول وإنما من داخل القبر، على حد زعمه، كان الصوت يدعوه لقتل سبعة أشخاص.
في المقبرة مكثت العصابة فترة من الوقت ثم ذهبت إلى الفندق القريب للتخطيط ولتنفيذ عمليات قتل أخرى، لم يستطع (أرشي) الجلوس معهم في الفندق، فصوت ابنه القادم من القبر قد أحزنه وأثر كثيرا في نفسيته، طلب من عصابته إعادته مرة أخرى إلى المقبرة، أثناء سيرهم نزلت (جولي) و(مايك) في الطريق ليتظاهرا للمارة بأنهما في حاجة لخدمات أصحاب السيارات لنقلهم في طريقهم، وكانت خطتهم أنه وبمجرد توقف السيارة يقومان بإجبار سائق السيارة للذهاب إلى المقبرة لسلبه تحت تهديد السلاح.
في المقبرة، أصيب (أرشي) بحالة هذيان، وشاهد ضوءا ساطعا يخرج من قبر ابنه، وشاهد شخصا يخرج من الضوء اقترب منه (أرشي) ودار حديثا بين الاثنين:
- هل أنت أبي؟!
- وهل أنت ابني العزيز(كريج)؟
- أجل.. أنا هو.. ردد الصوت واثقا.
- لا يمكن أن يحدث ذلك فأنت ميت يا ابني.
- وهل تريد مني أن أعود إليك من الموت؟
- أجل.. أريد ذلك وبكل صدق.
- إذا أردت حقا ذلك يا أبي فعليك أن تقتل سبعة أشخاص.
الموت لا يعرف الأبرياء..
بعد لحظات، توقفت سيارة على بعد 150 مترا من القبر.. كان في السيارة (جولي توود) و(مايك) ومعهما الضحية الجديدة (رونالد نيل كوكس) -42عاما- والذي أرغم على الحضور بسيارته تحت تهديد السلاح، كان رونالد يعمل عامل منجم انتهى لتوه من مناوبته في منجم الفحم (أوكاديل) وفي طريقه إلى منزله بمنطقة (فيلا وود) إحدى ضواحي سيدني الغربية، انطلت الحيلة على (كوكس) ولأول مرة في حياته تخذله شهامته، فقد راعه منظر الشابين وهما يقفان تحت المطر، وأشفق عليهما، وتوقف لتوصيلهما إلى وجهتهما وهو في طريقه لبيته، لكن وبمجرد ركوب الشابين تحول الأمر إلى كابوس وأحس بفوهة مسدس تداعب مؤخرة رأسه.. أذعن لطلبات الخاطفين وحضر معهما إلى المقبرة ليرى ما يخبئه له القدر.
ترك (أرشي) قبر طفله وركض نحوهم.. أجبر (كوكس)على الانبطاح في الوحل، بينما صوب (ميرديث) و(أرشي) مسدساتهم إلى رأسه، توسل الرجل وبكى.. وطلب السماح له بالذهاب.. كان الشر يتطاير من عيني (أرشي) وأصوات تأتيه من الغيب تحثه على قتل سبعة أشخاص.. التف زعيم العصابة إلى جماعته وقال لهم إنه سيضربه لأنه قد تعرف على شخصياتهم، وطلب من (مايك) قتله، حدثت مشادة بين (أرشي) و(مايك) في أمر قتل المسكين فبينما أصر (أرشي) على ذلك تلبية لطلب ابنه والصوت المجهول، رفض (مايك) تنفيذ عملية القتل.
في طريقهم إلى (ليفربول) نظر (أرشي) نظرة أخيرة إلى قبر ابنه، كان الضوء ما زال منبعثا من القبر، ضحك (أرشي) بصوت عال، ولاحقا أخبر المحققين بأن الشيء الوحيد الذي تأسف له بأنه لم يكن قريبا من القبر لحظة تدفق دماء الضحية، كان يتمنى لو روى القبر بدم الضحية.
أشقياء بلا حدود
بعد مقتل (كوكس) عاد أفراد العصابة إلى شقة (أرشي) حيث واصلا شرب البيرة ومشاهدة التلفزيون وما زالت الأصوات المجهولة تحث (أرشي) لقتل سبعة أشخاص، أمر شخصين من أفراد العصابة للخروج والبحث عن ضحية أخرى، وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي خرجت (جولي) و(ديك) للبحث عن ضحية متبعين الخطة المعروفة الوقوف على ناصية الشارع وطلب توصيلة من سائقي السيارات.
كان الضحية هذه المرة (إيفان جيلويس) 24سنة، أخرج (ديك) مسدسه وأمر الشاب بالرجوع إلى المقعد الخلفي بينما تولت (جولي) قيادة السيارة إلى الشقة، رافقهم (أرشي) وبقية المجموعة إلى (ليفربول)، كانت خطتهم تقضي بسرقة أحد المصانع، لكن (أرشي) الذي لعب الخمر برأسه كان له رأي آخر، فقد خطط لقتل الضحية الأخيرة الشاب (إيفان) والذي خلد للنوم في المقعد الخلفي، بعدها يتوجه إلى منطقة (بلاك تاون) لقتل زوجته وصديق أمها وبذلك يصبح العدد (6)، أما الضحية السابعة فسوف يكون عضو العصابة (ريك)، فقد أحس (أرشي) بأن صديقه سوف يخونه ويقوم بإبلاغ الشرطة، بعد لحظة صمت أطلق (ريك) نيران مسدسه على رأس الشاب المسكين ليموت في الحال مضرجا بدمائه، وتم إلقاء الجثة في شارع ترابي قريب.
لم يكن في سيارة الضحية ما يكفي من البنزين لبلوغ منزل زوجته وقتلها ولهذا السبب الطارئ أجل (أرشي) تنفيذ بقية الخطة على الأقل في تلك الليلة، تبقى أمامه قتل ثلاثة أشخاص آخرين، ولولا ذهاب (ريك) للشرطة وكشف الجرائم المروعة لكان هو الضحية السابعة. وعندما ألقي القبض عليه في تلك الليلة أخبر السفاح رجال الشرطة بأنه كان بالفعل سيقتل زوجته وأفراد عائلتها لكن الحظ وقف بجانبهم وخلت السيارة المسروقة من البنزين. وخطط (أرشي) لقتل زوجته وقطع رأسها وإرساله في صندوق لرئيس مكتب التحقيقات الجنائية.
في تلك الليلة وعندما أفشى أحد أفراد العصابة (لريك) بنية الزعيم على قتله ذهب إلى مبنى إحدى الصحف المحلية، بينما جلس (أرشي) وبقية أفراد العصابة في سيارة أخرى مسروقة ينتظرون طلته البهية لإطلاق الرصاص عليها، من نافذة مبنى الصحيفة شاهدهم (ريك) وأبلغ الشرطة، حضرت الشرطة إلى المبنى حيث أخبرهم (ريك) بأن حياته ستنتهي إذا خرج من المبنى، عندما سمعوا بجرائم القتل التي حدثت طلب رجال الشرطة قوة إضافية حيث تمت محاصرة العصابة وأخذ أسلحتهم.
في مركز الشرطة اعترف (أرشي) بكل بجاحة بقتله الضحايا ونيته على إتمام العدد (7) لو أتيحت له الفرصة، وفي جلسة الاستماع الأولى في المحكمة التي عقدت لتسجيل أقواله قضائيا أصر (أرشي) على أنه غير مذنب، وانطبق الحال على بقية أفراد العصابة، ووصفت الصحافة عمليات القتل بالمثيرة والمشوقة، ما جعل المجتمع بفئاته المختلفة يتابع أحداث المحاكمة، وحرص الكثيرون على حضور جلسات المحاكمة.
في صباح اليوم الرابع من جلسة المحاكمة طلب (أرشي) من القاضي السماح له بإلقاء بيان، ورغم أن هذا الإجراء نادر الحدوث وغير عادي إلا أن القاضي سمح له بذلك حيث قال (اعذرني يا حضرة القاضي.. خلال الأيام الماضية جلست هنا استمع للسيد بانون وهو يسرد تفاصيل جرائم قمت بارتكابها.. لدي الكثير من الحديث لأقوله، أهمه رغبتي الأكيدة في قطع رأس بانون).
في الليلة التالية في 24 أغسطس، بدأت عمليات القتل، اختار (أرشي) الوقت بعناية، هذا التاريخ هو اليوم الأول الذي جرى فيه التحقيق في وفاة ابنه، وقبل ذلك بأسبوع، قام (أرشي) بالاتفاق مع صديقته التي تسكن معه (كارول ألين هوايز) بتشكيل عصابة من مجموعة مراهقين، وقابل (أرشي) صديقته الجديدة وفتاة أخرى اسمها (جولي آن) 16سنة، عندما كان مريضا في مركز(باراماتا) للطب النفسي، (كارل هوايز) أم لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين الرابعة والسابعة، ومنفصلة عن زوجها، وخلال العامين السابقين، حاولت الانتحار ثلاث مرات بتناول جرعة زائدة من الحبوب المنومة.
أخبرت (كارول) صديقها الجديد بعزمها على إعادة محاولة الانتحار، لكنه تحدث إليها وأقنعها بالعدول عن رأيها، لهذا السبب ارتبطت به ارتباطا قويا، واتفقا على العيش سويا في شقة بضاحية (أيرلوود)، أما (جولي) فقد أتت إلى المركز للعلاج من اضطرابات نفسية، ثم أخذتها (كارول) في جناحها، انضم إلى التشكيل العصابي (ميشيل جون ميرديث) المعروف بـ (مايك) و(ريتشارد وليام ويتنجتون) الملقب بـ (ديك)، الشابان في السابعة عشر، وكان (أرشي) قد تعرف عليهم في منزل الواشم قبل عدة أيام من تشكيل العصابة، ويملك الشابان أسلحة نارية، العضو السادس في العصابة هو دونالد ريتشارد (ريك) 17سنة.
بقيادة (أرشي) اختارت العصابة أول ضحاياها (جورج آنسون) -50سنة- شارك في الحرب العالمية الثانية وامتهن بيع الصحف خارج فندق (كانتربري) وتعود كل مساء بعد الانتهاء من عمله شرب الخمر في الفندق، في مساء يوم 24 أغسطس 1973م شاهدت العصابة ضحيتها وهو يترنح من السكر في الشارع باتجاه منزله، وكانت العصابة تركب سيارة مسروقة وتبحث عن شخص لضربه وسرقته. أوقفه الأشقياء على جانب الطريق، وأمسكه (أرشي) من حلقه، وأثناء ذلك سبهم الشخص الضحية بألفاظ نابية، وكانت الكلمات الأخيرة التي تفوه بها، فقد عاجله أفراد العصابة بركلات وضربات موجعة وقاتلة في رأسه وأماكن مختلفة من جسمه.
في تلك اللحظة سمع (أرشي) صوتا مجهولا يأمره بقتل سبعة أشخاص، كان (جورج آنسون) يجثو على ركبتيه أخرج (أرشي) سكينه وطعن بها الرجل في ظهره ورقبته سبع مرات، وقبل الهروب قام (أرشي) بضرب القتيل ضربة قوية في وجهه وهرب إلى السيارة المسروقة، أطبق الصمت على جميع أفراد العصابة عدا (ريك) الذي استهجن عملية القتل، ورد عليه الزعيم بأنه طعن الضحية لسبه لهم، وصرخ في وجه الشاب المراهق، ومن تلك اللحظة لم يعد (أرشي) يثق في هذا المارق، وفكر في طريقة للتخلص منه.
أخفت (جولي) أداة الجريمة -السكين الملطخة بالدماء- تحت مقعد السيارة، وطلب زعيم العصابة أفرادها بنسيان الأمر وعدم التفوه بكلمة واحدة حول مقتل (آنسون) حتى وصلوا إلى الشقة، ومرت المجموعة على مطعم لأخذ وجبة العشاء بينما ذهب (أرشي) لتنظيف نفسه في الحمام، وبينما هو يغسل وجهه، تحدث إليه ابنه من مرآة المرحاض وطلب منه الذهاب معه، وعندما أراد لمس وجه ابنه في المرآة.. اختفى قبل أن تصل إليه يده، في الشقة هدأت النفوس قليلا، وأخبر (أرشي) المجموعة بأنه لم يستطع منع نفسه من القتل فقد كان صوت ابنه يرن في أذنه ويدعوه للقتل.
أصوات من القبر
بعد ثلاث ليال وفي 27 أغسطس، اصطحب (أرشي) عصابته إلى مقبرة (ليبنجتون) لزيارة قبر ابنه، وكان (أرشي) وصديقته (كارول) قد ذهبا إلى هناك عدة مرات.. يجلس على حافة القبر ويتنهد في حزن، يتمتم بكلمات غير مفهومة تشير إلى أن ابنه لم يجد فرصته في الحياة وأن هذا ليس عدلا.. وأقسم في تلك المرات أمام صديقته بالانتقام لابنه.
في تلك الليلة كان البرد قارصا، والجو ضبابيا كئيبا، ينزل المطر في شكل رذاذ خفيف على أوراق الشجر، في هذه المرة لم يأت الصوت من المجهول وإنما من داخل القبر، على حد زعمه، كان الصوت يدعوه لقتل سبعة أشخاص.
في المقبرة مكثت العصابة فترة من الوقت ثم ذهبت إلى الفندق القريب للتخطيط ولتنفيذ عمليات قتل أخرى، لم يستطع (أرشي) الجلوس معهم في الفندق، فصوت ابنه القادم من القبر قد أحزنه وأثر كثيرا في نفسيته، طلب من عصابته إعادته مرة أخرى إلى المقبرة، أثناء سيرهم نزلت (جولي) و(مايك) في الطريق ليتظاهرا للمارة بأنهما في حاجة لخدمات أصحاب السيارات لنقلهم في طريقهم، وكانت خطتهم أنه وبمجرد توقف السيارة يقومان بإجبار سائق السيارة للذهاب إلى المقبرة لسلبه تحت تهديد السلاح.
في المقبرة، أصيب (أرشي) بحالة هذيان، وشاهد ضوءا ساطعا يخرج من قبر ابنه، وشاهد شخصا يخرج من الضوء اقترب منه (أرشي) ودار حديثا بين الاثنين:
- هل أنت أبي؟!
- وهل أنت ابني العزيز(كريج)؟
- أجل.. أنا هو.. ردد الصوت واثقا.
- لا يمكن أن يحدث ذلك فأنت ميت يا ابني.
- وهل تريد مني أن أعود إليك من الموت؟
- أجل.. أريد ذلك وبكل صدق.
- إذا أردت حقا ذلك يا أبي فعليك أن تقتل سبعة أشخاص.
الموت لا يعرف الأبرياء..
بعد لحظات، توقفت سيارة على بعد 150 مترا من القبر.. كان في السيارة (جولي توود) و(مايك) ومعهما الضحية الجديدة (رونالد نيل كوكس) -42عاما- والذي أرغم على الحضور بسيارته تحت تهديد السلاح، كان رونالد يعمل عامل منجم انتهى لتوه من مناوبته في منجم الفحم (أوكاديل) وفي طريقه إلى منزله بمنطقة (فيلا وود) إحدى ضواحي سيدني الغربية، انطلت الحيلة على (كوكس) ولأول مرة في حياته تخذله شهامته، فقد راعه منظر الشابين وهما يقفان تحت المطر، وأشفق عليهما، وتوقف لتوصيلهما إلى وجهتهما وهو في طريقه لبيته، لكن وبمجرد ركوب الشابين تحول الأمر إلى كابوس وأحس بفوهة مسدس تداعب مؤخرة رأسه.. أذعن لطلبات الخاطفين وحضر معهما إلى المقبرة ليرى ما يخبئه له القدر.
ترك (أرشي) قبر طفله وركض نحوهم.. أجبر (كوكس)على الانبطاح في الوحل، بينما صوب (ميرديث) و(أرشي) مسدساتهم إلى رأسه، توسل الرجل وبكى.. وطلب السماح له بالذهاب.. كان الشر يتطاير من عيني (أرشي) وأصوات تأتيه من الغيب تحثه على قتل سبعة أشخاص.. التف زعيم العصابة إلى جماعته وقال لهم إنه سيضربه لأنه قد تعرف على شخصياتهم، وطلب من (مايك) قتله، حدثت مشادة بين (أرشي) و(مايك) في أمر قتل المسكين فبينما أصر (أرشي) على ذلك تلبية لطلب ابنه والصوت المجهول، رفض (مايك) تنفيذ عملية القتل.
في طريقهم إلى (ليفربول) نظر (أرشي) نظرة أخيرة إلى قبر ابنه، كان الضوء ما زال منبعثا من القبر، ضحك (أرشي) بصوت عال، ولاحقا أخبر المحققين بأن الشيء الوحيد الذي تأسف له بأنه لم يكن قريبا من القبر لحظة تدفق دماء الضحية، كان يتمنى لو روى القبر بدم الضحية.
أشقياء بلا حدود
بعد مقتل (كوكس) عاد أفراد العصابة إلى شقة (أرشي) حيث واصلا شرب البيرة ومشاهدة التلفزيون وما زالت الأصوات المجهولة تحث (أرشي) لقتل سبعة أشخاص، أمر شخصين من أفراد العصابة للخروج والبحث عن ضحية أخرى، وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي خرجت (جولي) و(ديك) للبحث عن ضحية متبعين الخطة المعروفة الوقوف على ناصية الشارع وطلب توصيلة من سائقي السيارات.
كان الضحية هذه المرة (إيفان جيلويس) 24سنة، أخرج (ديك) مسدسه وأمر الشاب بالرجوع إلى المقعد الخلفي بينما تولت (جولي) قيادة السيارة إلى الشقة، رافقهم (أرشي) وبقية المجموعة إلى (ليفربول)، كانت خطتهم تقضي بسرقة أحد المصانع، لكن (أرشي) الذي لعب الخمر برأسه كان له رأي آخر، فقد خطط لقتل الضحية الأخيرة الشاب (إيفان) والذي خلد للنوم في المقعد الخلفي، بعدها يتوجه إلى منطقة (بلاك تاون) لقتل زوجته وصديق أمها وبذلك يصبح العدد (6)، أما الضحية السابعة فسوف يكون عضو العصابة (ريك)، فقد أحس (أرشي) بأن صديقه سوف يخونه ويقوم بإبلاغ الشرطة، بعد لحظة صمت أطلق (ريك) نيران مسدسه على رأس الشاب المسكين ليموت في الحال مضرجا بدمائه، وتم إلقاء الجثة في شارع ترابي قريب.
لم يكن في سيارة الضحية ما يكفي من البنزين لبلوغ منزل زوجته وقتلها ولهذا السبب الطارئ أجل (أرشي) تنفيذ بقية الخطة على الأقل في تلك الليلة، تبقى أمامه قتل ثلاثة أشخاص آخرين، ولولا ذهاب (ريك) للشرطة وكشف الجرائم المروعة لكان هو الضحية السابعة. وعندما ألقي القبض عليه في تلك الليلة أخبر السفاح رجال الشرطة بأنه كان بالفعل سيقتل زوجته وأفراد عائلتها لكن الحظ وقف بجانبهم وخلت السيارة المسروقة من البنزين. وخطط (أرشي) لقتل زوجته وقطع رأسها وإرساله في صندوق لرئيس مكتب التحقيقات الجنائية.
في تلك الليلة وعندما أفشى أحد أفراد العصابة (لريك) بنية الزعيم على قتله ذهب إلى مبنى إحدى الصحف المحلية، بينما جلس (أرشي) وبقية أفراد العصابة في سيارة أخرى مسروقة ينتظرون طلته البهية لإطلاق الرصاص عليها، من نافذة مبنى الصحيفة شاهدهم (ريك) وأبلغ الشرطة، حضرت الشرطة إلى المبنى حيث أخبرهم (ريك) بأن حياته ستنتهي إذا خرج من المبنى، عندما سمعوا بجرائم القتل التي حدثت طلب رجال الشرطة قوة إضافية حيث تمت محاصرة العصابة وأخذ أسلحتهم.
في مركز الشرطة اعترف (أرشي) بكل بجاحة بقتله الضحايا ونيته على إتمام العدد (7) لو أتيحت له الفرصة، وفي جلسة الاستماع الأولى في المحكمة التي عقدت لتسجيل أقواله قضائيا أصر (أرشي) على أنه غير مذنب، وانطبق الحال على بقية أفراد العصابة، ووصفت الصحافة عمليات القتل بالمثيرة والمشوقة، ما جعل المجتمع بفئاته المختلفة يتابع أحداث المحاكمة، وحرص الكثيرون على حضور جلسات المحاكمة.
في صباح اليوم الرابع من جلسة المحاكمة طلب (أرشي) من القاضي السماح له بإلقاء بيان، ورغم أن هذا الإجراء نادر الحدوث وغير عادي إلا أن القاضي سمح له بذلك حيث قال (اعذرني يا حضرة القاضي.. خلال الأيام الماضية جلست هنا استمع للسيد بانون وهو يسرد تفاصيل جرائم قمت بارتكابها.. لدي الكثير من الحديث لأقوله، أهمه رغبتي الأكيدة في قطع رأس بانون).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق