من قصص سورة البقرة
(من برنامج تأملات في أحسن القصص للدكتور أحمد نوفل)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله حمدًا يليق بجلال الله. يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، كالذي نقول وخيرًا مما نقول، حمدًا لا ينقطع ولا ينقضي ولا ينتهي ولا يزول، وصل وسلم وبارك يا ربنا على أكرم رسول، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه وأحبابه، وارض اللهم عمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم وفي صحبتهم آمين.
إخواننا المشاهدين، أخواتنا المشاهدات، حياكم الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
فنواصل المسيرة الطيبة ـ إن شاء الله تعالى ـ في ظلال أحسن القصص، وشيء من التأمل شيءمن التدبر والتفكر في أحسن القصص، سائلين الله تعالى أن نُرزق حسن النظر وحُسن الفهم وحُسن استخراج الكنوز والمعاني من هذا البحر الزاخر القرآن العظيم.
(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)
إذًا فوجئنا الآن أنه فيه زوج لآدم، دي جاءت من أين، هنا ستدخل علينا الروايات الإسرائيلية بأنهاطلعت من ضلع آدم، يعني كأنه آدم كان حامل بحواء، واحد يقول لي كان فيه حديث، هذا الحديث على المجاز يا أحباب، [ المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه] وهذا كله كناية عن رقة المرأة. قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ [رفقًا بالقوارير] يعني يتكلم هو عن رقة المرأة، والرفق بهذه المرأة، مش أنه آدم طلعوا من أضلاعه حواء، طيب كانت فين حواء؟ وهل كانت جنين صغير ولا كانت كبيرة ولا أيه الحكاية؟! إذُا فما معنى (خلق منها زوجها)؟ خلق منها زوجها يعني من نفس الطينة، من نفس المادة. فهذا معنى خلق منها زوجها وليس كما فُهم إنه خلق منها وطلع الزوجة من آدم. على كل حال هذا فهمي وإن كان هناك بالدليل فهمًا آخر، ولكن أريد الدليل البين الناصع الساطع الواضح. فسأكون أول الملتزمين إن كان في الدين ما يدل على خلاف ذلك.
الآن فوجئنا أنه آدم له زوجة أو زوج... (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)
التي تشكل معك وأنت معها، اسكن، السكن والسكينة مادة واحدة. يعني اقعد مع السكينة، والسكن والسكن النفسي يتحقق بكلمة واحدة "اسكن" (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) رزقنا الله وإياكم سكنى الجنة سكنة دائمة ـ إن شاء الله تعالى ـ (وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا)
يعني النعيم ما عليك من حساب، ما عليكم من رقيب يحصي عليك ما تأكل وما تتنعم، " رغدًا" توسع وانتقل حيث شئت أنت وزوجك. (وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ{35})
لكن يا ترى ما هذه الشجرة؟ هل هي شجرة التفاح؟ ولا أيه؟ طالما القرآن لم يحدد ما هذه الشجرة، و الأدهى والأمر أنه بعض التفاسير تقول هي شجرة الحنطة. يا أيها الأخوة هل الحنطة شجرة؟ الله يصلح الحال، بعدين الحنطة التي هي حياتنا القمح حب ومزروع في الجنة قمح. هل يوجد خبز في الجنة؟ القرآن لم يحدد، وبعض الشركات ترسم تفاحة قضمت منها قطعة رمز لتفاحة آدم كما يدعون، وهذا كله من التوراة، وهذا كله لا دليل ولا مستند عليه يدل عليه إطلاقًا. ولذلك نكتفي بقرآننا العظيم الذي لو كان فيما حُذف أو يذكر نفع لنا وخير وفائدة لكان القرآن سماه كما يقعد الطبري بحق لكنه لما انتقل من التقعيد إلى التطبيق مع الاحترام والإجلال اختلف الكلام، ما بين التنظير وما بين التطبيق الواقعي. التنظير ممتاز والتطبيق لم يكن في مستوى التنظير للأسف.
(وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ{35})
فتكونا من الظالمين ليه؟ الظالمين لأنفسكم أولا، لضرركم من بعد، الظالمين الحقيقة مطلقا ظلم.
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا)
اتبع أساليب واتبع مخططات بطيئة ولكنها أكيدة المفعول، وأخرجهم الشيطان من جنة ربهم. وهنا لم يفصل، ولكن في سور أخرى كان هناك تفصيل. أنا أقول أن القرآن ليس فيه تكرار ولكن فيه تكامل ما بين سورة وسورة وما بين نص ونص. ما أُجمل هنا يُفصَل هناك، وما أُجمل هناك يُفَصِّل هنالك. وهكذا في سيرورة وإحالة من سورة إلى سورة وتكامل ما بين عرض وعرض ما بين سورة وسورة ما بين مشهد ومشهد وما ثم تكرار.
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ)
الخطوات التي اتبعها الشيطان أيه هي؟ كما قلت أولا التدرج رقم واحد، لكن سؤال كيف دخل الشيطان إلى الجنة؟ هل صحيح ما يقال أنه دخل في الحية؟ يا إخواننا كما اتفقنا أنه كل كلمة ترد في القرآن وصحيح السنة هي مصدرنا، فهل في صحيح السنة أو فيما فوق صحيح السنة هذا القرآن الذي هو فوق كل شيء، هل هناك شيء اسمه الحية دخل فيها الشيطان، وكيف تسرب من رقابة الملائكة؟ فهذا كلام باطل تماما، ما يليق، فكأنهم صوروا الحية كحصان طروادة كما يقال، وتزعم خرافات التوراة وأساطيرها أنه كانت الحية كالحصان،
وأنا أذكر لكم هذا الكلام حتى لما نقرأه نغض الطرف عنه، ولا يعلق بعقل منا ولا قلب لأنه مايليق، ما في فائدة، وينمي التفكير الخرافاتي إن سمينا الخرافات تفكيرًا... فهو نمط والسلام، يربي العقل الخزعبلاتي، العقل الضال عن الجادة، طيب ليه؟ ما نظل على السنن الآمن فنظل مطمئنين إلى ما في كتابنا والحمد لله. إذاً كيف دخل الشيطان؟ وليه رب العالمين بعد ما قال له أهبطوا إلى آخره بقي في الجنة، هم لم يبق في الجنة.. أوضح، الآن صدر الحكم بطرد إبليس من الجنة ويظل وقت التنفيذ، أهو الآن أم صدر الحكم وينفذ بعد قليل. بعد يوم بعد اثنين بعد أسبوع بعد شهر، لكن الحكم صدر وانتهى.
سؤال آخر. يمكن آدم نسي بمعنى أنه غابت المعلومة من الذاكرة؟ لا.. لأنه إبليس يذكره، (قال ياآدم ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة) يعني هو يذكره ولكنه احتال عليه من باب هل أدلك على شجرة الخلد؟ كثرة الزن والدعاية ومواصلة الحملة إلى تغيير ما بالعقول، فتغيير ما بالعقول صار الآن فن، انتبه من عقلك، أنا دائما أقول لطلابنا انتبه كل يوم تحسس عقلك هل ما زال على ثوابته ولا تغير وأنت لا تدري، انتبه. المتلاعبون بالعقول أخطر مما تتصور، والممارسون لغسيل الدماغ أخبث مما يخطر ببالك، انتبه فقد يخدعوك دون أن تدري، كما حصل مع أبوك آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ إبليس فتن له لما تلاعب بعقله وأنزله عن جنة ربه. على كل حال (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا) كيف؟ بأن قال له (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) مثل قوله (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) طيب أنت شفت الملائكة وقد سجدوا لك، تريد أن تكون ملك ليه؟ أنت مخلوق بهذه الخلقة، ملاك ليه؟ ولو أراد الله أن يخلقك ملاكًا لفعل، فما معنى نسي إذًا؟ نسي أي غلبته نفسه وطغت أهواؤه على المعلومة هذه كما تغطي الأيام بالتقادم على المعلومة. المعلومة في الذهن إما أن تُغطى بتراكم الأيام والسنين، وإما أن تغطى بالهوى. يأتي الهوى يغطي على المعلومة، أو الخوف كما صار مع الصحابة في أحد. أليس الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ يعلمون أن الآجال ثابتة؟ بلى يعلمون، ولكن لما رأوا بريق السيوف فالمعلومة كأنما غشيها الغواشي، وغطاها أغطية، فأصبحت المعلومة... لذلك القرآن يعيدها لهم من جديد، (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلا) ماذا حدث لكم، ألم أخبركم أن محمدًا ـ عليه الصلاة والسلام ـ بشرًا سيموت، فيعيد لهم في سورة آل عمران عقب غزوة أحد (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) هل نسيتم هذا الأمر؟ هذه البديهيات أنتم تعلمونها، ولكن غُفل عنها ليه؟ الموقف هائل ينسي الحقائق والأمهات من المعلومات تُنسى، والذي حصل مع آدم أنه ربنا قال عنه فنسي، يعني غطى الهوى على المعلومة كما تغطي الأيام والسنين على شيء تقادم عهدك به فنسيته، الكتاب الفلاني. ياه نسيته، ما أعرف أين ذهب، فالإنسان ينسى مع الأيام والتقادم، إذًا ربنا حتى يكرم آدم فيقول عنه فنسي، يعني لم يقصد المعصية. (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) السؤال الآن أيه؟ أليس آدم مخلوقًا للأرض؟ بلى. طيب ما المشكلة في أنه ينزل إلى الأرض؟ فهو مخلوق لها أصلا. نعم، أقول لك، فرق بين طالب جامعة دخل الجامعة فتخرج من الجامعة ففرح له أهله وذووه وبين طالب أُخرج من الجامعة. هل هناك فرق أم لا؟ وهذا ما حدث مع أبينا آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه بدلا من أن يتخرج بعد الدورة التدريبية التي آخذها في الجنة أُخرج من الجنة، ولكن غير محمل بذنوب. أريد أن أقول أن خطيئة آدم استغفر منها آدم ومحيت عن آدم ولا يحملها أي واحد من أبناء آدم. هذا كلام ما يصير، وليس به منطق لا يصير أبينا يأكل الحصرم ونحن نضرس. ولكن ربنا تعالى كما يزعمون أنه فدى أخطاء البشر وخطيئة آدم بالذات عن طريق المسيح وهذا كلام غير صحيح.. إنما ( كل نفس بما كسبت رهينة) كل إنسان مربوط بعمله (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) و بعدين إحنا قلنا آدم محيت عنه الخطيئة وأُخرج من الجنة غير محمل بالخطيئة، فلم ينزله على الأرض مخرجًا من الجنة ومحملا بالخطيئة.
(فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{36}) بعضكم لبعض هو عدو لك وأنت عدو له. أما من جهته هو فهو لن يصفو لك إطلاقًا. وأما من جهة البشر للأسف فيه كثير من الناس لا يتخذون العدو عدوا، بالعكس أحيانًا يتخذ العدو صديقًا وحبيبًا حميمًا قريبًا يقول لك ما في مشكلة. (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا) هو عدو وغفلت عنه ولم تغفل عنه بل اتخذته صديق فهذه مشكلة، وقس عليها ما شئت. فهناك كثير من صور العداوات لا نفطن لها ولا ننتبه لها، بل نحولها للأسف من عداوات أو ما ينبغي أن تكون عداوات إلى صداقات تصل إلى حد الولاية والتولي. مشكلة. (إذًا بعضكم لبعض عدو).
فكرة وجود عدو، ليست وهم ولا هي نظرية مؤامرة. هذه حقيقة، الشيطان عدو ويتآمر هذه ليستنظرية مؤامرة، هذا واقع. بعضهم تقوله فيه أعداء يتآمرون بنا، يقول لك ليه بس نظرية المؤامرة، أنت يا شيوخ مسكونين بهاجس المؤامرة. نقوله يا عم لا. الشيطان موجود وله جند وله أتباع، وله مدافعين، وله من يحمل خططه ومنهجه ومن يمثل خططه وطرائقه. الشيطان من أهدافه أن يعري البشر كما قال (لأنزع عنهما لباسهما) هناك ناس لهم نفس المخطط، كل همها وشغلها الشاغل يخرجون على فطرة الله وعلى دين الله وعلى منهج الله تماما مثل ما قال الشيطان (ولا تجد أكثرهم شاكرين) أيش العجيب؟ أيش الغريب؟ هذا عدو ينبغي الحذر منه، والحذر من كل من سار على دربه وصار من جنده وحزبه، يجب أن تحذر وتنتبه جدًا. على كل حال.
(وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{36})
الحين مائة ألف سنة، مائتي ألف، لا يعلم إلا الله، لا يُبنى عليه أي فائدة، أنت لك فرصة واحدة هيعمرك، هي السنين المتاحة لك. لكن تشغل بالك عمر الأرض نصف مليون سنة ستعمر الأرض 5 بليون سنة، وهي عمرها الآن 4.5 باقي لها نصف... طيب أنت مالك؟ المهم أنت ستعيش كم؟ خمسين ستين، هذا إن عمرت، فهذا عمرك، وهذه المدة المعطاة لك للامتحان، هذا الحين كما قال رب العالمين سبحانه (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{36}) كأفراد حينا وحينك 60 أو 70 التي يعيش، وأغلبنا الذي يتخرج قبل أن يصل إلى هذا الأمر. خلي بالك هناك فرصة ذهبية أعطيتها، أنت في قاعة امتحان، وبدأ الابتلاء مثل ما قلنا من سكنى أبيك الجنة ومن منعه من الأكل من الشجرة كان امتحان بسيط مادة واحدة ورسبنا. الآن الامتحان مواد كثيرة جدًا، والعدو كان بدائيا، الآن العدو متطور جدًا. يعني إبليس كانت لسه خبرته لسه مبتدئ، الآن صار حريف وأتباعه صاروا حريفة يشتغلون شغلا مرتبا، فانتبه جدًا لنفسك، إذا كان أبوك رسب في الامتحان مادة واحدة ولسه عدوه بلا خبرات. الآن أصبح إبليس عنده خبرات، أجيال وراء أجيال تتراكم عند هذا العدو خبرات، وتتراكم تجارب فاحذر على نفسك ومن هذا العدو، وخلي بالك من الزمن، مستقر إلى حين. أنت في قاعة امتحان، بالله عليك طالب معه ساعتين مدة امتحان، فزميله جانبه قال له هو الفريق الفائز في مباراة الدوري الأوليمبي من الفريق الفائز إيطاليا أم فرنسا؟ عنده وقت يسرح في الفريق الفائز، ما لنا بالفريق الفائز الآن الله يهديك أنا في قاعة امتحان الوقت أثمن، هذا المستقر لنا إلى حين هذه محطة هذا معبر جسر مرور وليس مكان لاستقرار. هذا مثل معسكر منى.. معسكر منى يومين ثلاثة هناك ملايين ومزدحم المكان ليس هناك موضع لقدم، بعد أيام التشريق ثلاثة أيام لا تجد في منى ديار، أعني الدنيا. هي معسكر منى، مثل عرفات في وقت الحجيج يوم عرفة النفرة 10 أو 12 ساعة يفيض الناس من عرفات، بعد أن انتهى عرفات ولا ديار. هذه الدنيا، والله لترونها خرابًا، لا لأمة فيها ولا صوت ولا أحد. ولذلك أنت في قاعة امتحان انتبه من هذا الحين الذي ربنا قال عنه (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{36})
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ)
سبحانك، ما أحلمك، ما أكرمك؛ ما أعظمك؛ ما أرحمك سبحانك! مولانا الكريم يعلم آدم كيف يتوب،قل ظلمنا أنفسنا، ربنا يلقنه وهو يعيد الكلمات، ورب العالمين يقول له الذي لقنه كيف يتوب يمسح عنه الخطيئات. يعني مش معناه أنه هذه الكلمات لو إبليس فعلها ما يقبل منه، معاذ الله، كل من يتوب لا يرده الله، أيًا كانت الذنوب، كل من يتوب لا يرده الله مهما كانت الذنوب، ومهما تقادمت هذه الذنوب يمحوها الله ـ عز وجل ـ. فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه. ليه؟
(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{37})
يعني هذه صفاته، هذه أسماؤه سبحانه أنه التواب وأنه الرحيم، تواب يتوب ثم يتوب على العبد ذاته، ثم يتوب على العبد ذاته، ثم يتوب ألف مرة على العبد ذاته، ويتوب على هذا العبد وعلى هذا العبد وعلى هذا العبد... فهو تواب، فعال صيغة تفيد تجدد الفعل من التواب. قد أصنع معصية وأعود لها يقبل الله التوبة؟ قطعًا، أتذكر الذي قتل 99 نفسا ثم أكمل بهم المائة وهو بده يتوب، أيقبله الله تعالى؟ وهل تحتاج هذه إجابة، أيرد الله من جاء مقبلا عليه؟ لا والله لا يرده، وكلكم يحفظ الحديث فلا أعيده عليكم.
(قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{38}) نفي صيغة الحزن يعني ولا هم يحزنون 13 مرة في القرآن ولا هم يحزنون. لم يرد في القرآن الحزن إلا مسبوقًا إلا بالنفي وإما بالنهي، (ولا تحزنوا)، (ولا تهنوا ولا تحزنوا) الحزن، أما من تبع منهج الله ـ عز وجل ـ فلا خوف عليه مما يخبأ له في المستقبل، ولا يحزن على ما فارقه في الماضي. لا خوف عليهم في المستقبل، ولا هم يحزنون. أمنك من جهة الماضي، إذًا يا آدم انزل على الأرض من الجنة سيأتيك منهج من السماء تسير عليه في الأرض. هذا المنهج فيه السلامة فيه الأمان فيه الضمان أن تعود إلى وطنك من جديد. من تبع هذا المنهج لن يخاف لن يحزن وسيعود آمنًا إلى وطنه. { والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
اسأل الله تعالى أن أكون وإياكم ممن هم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
إلى الملتقى بكم لإكمال قصص سورة البقرة بل قصص القرآن.إلى الملتقى أستودعكم الرحمن،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق